سرد لتجربة شخصية في العمل مع الدكتور طلال أبوغزاله

عين الاردن ..
شاهد هالنج
لقد كانت شركة طلال أبوغزاله العالمية شاهدة على حياتي المهنية لأكثر من 15 عامًا، حيث انضممت إلى مكتبهم في عمَّان عام 2007 وكان ذلك بداية رحلة مهمة بالنسبة لي، على الصعيدين المهني والشخصي. مكتب عمَّان هو المقر الرئيسي للشركة، وبصفتي مهنيًا شابًا حينها، شعرت بضجة كبيرة حول المكان حيث كانت جميع المكاتب الأربعة في عمَّان خلية نحل من النشاط تخدم بجِد شبكة طلال أبوغزاله العالمية.
ولكوني متخصصًا في تكنولوجيا المعلومات، انخرطت بسرعة في قسم استشارات تكنولوجيا المعلومات في طلال أبوغزاله العالمية (طلال أبوغزاله لتقنيات المعلومات الدولية)، والذي كان في بدايته وكان بحاجة إلى التطوير. وخلال ذلك، فزنا بالعديد من مشاريع استشارات تكنولوجيا المعلومات في جميع أنحاء المنطقة مما أتاح لي مشاهدة الاحترام والتكريم اللذين حظي بهما الدكتور طلال أبوغزاله لدى العملاء وغيرهم من الأشخاص الذين سمعوا عنه. فقد كان يُنظر إليه على أنه شخص يتمتع بالحكمة ويحدث فرقًا جذريًا، ويدعم الأشخاص ويوفر لهم الفرص، بدلاً من السياسيين ذوي الوعود الفارغة.
خلال سنواتي الأولى في العمل مع الشركة، لم يكن لدي أي اتصال شخصي مع الدكتور طلال، وكنت أراه خلال فترات الراحة التي كانت غالبًا خارج المبنى الرئيسي حيث كان يلتقي موظفيه بسعادة ويصافحهم ويحيي العديد منهم بابتسامة. كان من المثير للاندهاش كيف يمكن لرجل واحد أن يدير إمبراطورية تجارية مستمرة لهذه الفترة الطويلة وتعمل في كل مجال من مجالات استشارات الأعمال المهنية، وتفتتح مكتبًا بعد مكتب مما أثنى عليه الجميع كنموذج رائع للقيادة. في ذلك الوقت، كان الدكتور طلال أبوغزاله لا يزال منخرطًا بشكل كبير في مناصب مختلفة في الأمم المتحدة، وكنت أراه في سيارته الأودي السوداء المميزة التي يقودها سائقه، والتي أصبحت سيارته المفضلة لسنوات عديدة.
في ذلك الوقت، كان أيضًا على خلاف مع أمانة عمان بشأن استلائهم على مبانيه الشهيرة لتخصيصها لمشروع وطني، والتي هُدمت لإفساح المجال لمجمع تجاري. كما أتذكر ملصق بحجم مبنى يغطي واجهة المكتب الإقليمي بعبارة “باقون هنا” باللغة العربية. على الرغم من خسارته للمباني، إلا أنه خاض معركة محاكمية مطولة انتصر فيها ضد أمانة عمان الكبرى، حيث طالب بحقوقه كمواطن في بلد يحكمه القانون والنظام للحصول على تعويض مناسب. كان هذا بحد ذاته إنجازًا مثيرًا للإعجاب من حيث التصميم والمثابرة.
بدأت أقدر سبب قيام الكثيرين في الشركة باطلاق لقب “المعلم” عليه. فهو ينسب نجاحه إلى توظيف أشخاص أفضل منه، مشيرًا إليهم على أنهم أبناؤه وبناته، ويطلب منهم أن يتصرفوا بأكبر قدر من الاحتراف في جميع الأوقات؛ وذلك الموقف المتواضع نادرًا ما تجده في رؤساء الأعمال في أي مكان.
أتذكر أنني قرأت أكثر من بيان صحفي يتساءل كيف يمكن لرجل واحد أن يدير شركة دولية لها مكاتب ومديرين في جميع أنحاء العالم وأن يكون مشغولًا بالعديد من الأنشطة الأخرى في ذات الوقت. أثناء إدارته لمجموعة طلال أبوغزاله العالمية، شارك في العديد من الوظائف الدولية، والأعمال الخيرية، وتولى مسؤوليات اجتماعية للشركات، واجتماعات مع كبار الشخصيات المحلية والدولية، بالإضافة إلى العمل لدعم فلسطين، ودعم الجمعيات الخيرية المحلية، وإنشاء لجان دولية، والعمل على تعزيز قضايا تغير المناخ، وتقديم المشورة للمنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة، بجانب عمله كعضو في مجلس الشيوخ في البرلمان الأردني، والتحدث في المؤتمرات الدولية، فضلاً عن وجود برنامج ممتليء يستدعي السفر الدائم.
أنا متأكد أنني قد غفلت عن ذكر العديد من الأدوار الأخرى التي قام بها، وبالتأكيد هناك غيرها لا أعرف عنها شيئًا، مما يوضح مقدار ما يمكن لرجل واحد تحقيقه إذا كان لديه الدافع للنجاح. وتعتبر هاتين السمتين متأصلتين في شخصيته التي لا يبدو أنها ترتاح أو تتعب. فهو يؤمن أن الراحة مضرّة بالجسد، وكلما عملت أكثر كلما كانت وظائف الجسم أفضل. يقول أ، هذا هو سر الحصول على حياة صحية وناجحة. حتى يومنا هذا، جدوله محير للعقل. ويكافح من في نصف عمره لإنجاز ما يبدو أنه يفعله دون عناء خلال يوم عمله، والذي يمتد عادةً إلى فترات طويلة من الليل.
ما اكتشفته لاحقًا وكان أكثر إثارة للإعجاب، هو أنه كان يدير هذه الإمبراطورية من خلال التقارير التي يرسلها كل مدير نشاط إليه بشكل شهري. لم تفته أي تفاصيل عن هذا النظام المهني ولم يكن هناك ما لم يفهمه، كونه متعدد الثقافات ويمكن أن يضيف قيمة إلى أي إدارة أو قضية أو محادثة ويتخذ قرارات حاسمة حيث فشل الآخرين. لم يكن هناك شيء لم يختبره من قبل، ولا يبدو أن أي شيء يفاجأه، وهذا ليسبالشيء الهين بالنظر إلى عدد مكاتب طلال أبوغزاله العالمية الذي يزيد عن 100 مكتب ووجود العديد من المديرين في جميع أنحاء العالم. يبدو أن كل تحركاته وتعليقاته وأفعاله محسوبة بعناية مع وضع النية والغرض في الاعتبار، وعزيمة لتحقيق نجاحات اكبر مع عدم إتاحة المجال للفشل.
نظرًا لكونه فصيحًا للغاية باللغتين العربية والإنجليزية وكذلك على دراية عميقة، مما ظهر في جميع المشاركات العامة التي رأيته فيها، فإنه يحظى باحترام أقرانه، وكذلك الشخصيات الدولية البارزة والعلماء الذين يتحدثون في منتدى طلال أبوغزاله، وهو مركز للفكر والحوار حول القضايا الوطنية والدولية ذات الصلة. هذا بالإضافة إلى ظهوره الموثق جيدًا في البرامج التلفزيونية المحلية والدولية والمحطات الإذاعية في جميع أنحاء العالم، حيث يتحدث عن مجموعة من الموضوعات بإتقان وإقناع.
على مر الأعوام، سمعت العديد من النقاد والمعارضين يتحدثون ضده. يمكن للمرء أن يقول أنه مجرد بشر وأننا جميعًا عرضة لارتكاب الأخطاء. ومع ذلك، فإن مساهمته في المجتمع الأردني والمنطقة العربية كمؤسس لشبكة عالمية مهنية وظفت وخرجت عشرات الآلاف من المهنيين على مر السنين، هي شهادة كافية على تفوقه المهني والتزامه الأخلاقي لخدمة المجتمع بأفضل الطرق الممكنة، وذلك من خلال بناء القدرات والمهارات المتقدمة، وتوفير وظائف جيدة وتقديم أفضل مستوى من الخدمة للعملاء على قدم المساواة مع المنافسين في جميع أنحاء العالم.
علمني العمل على مقربة منه أن الإمبراطورية التي قام ببنائها قام بتأسيسها عن طريق العمل الجاد والالتزام. أتذكر أنني قرأت عندما بدأت عملي أن لديه لمسة “ميداس”. كل ما لمسه بدا وكأنه تحول إلى ذهب. أعلم الآن أن هذا النجاح لا يرجع لخبايا أو أسرار، بل للعمل الجاد والتصميم وأخلاقيات العمل “بامتياز”.
ومن خلال العمل معه عن قرب، تعلمت العديد من دروس الحياة القيمة منه بشكل مباشر وغير مباشر. أستطيع أن أقول أنه ساعد في تشكيل حياة العديد من المهنيين الذين عملوا بعد ذلك في وظائف مرموقة في المؤسسة نفسها وأماكن أخرى. ويشير إلى أولئك الذين انتقلوا إلى مناصب في أماكن أخرى باعتبارهم “سفراء” طلال أبوغزاله العالمية بدلاً من “موظفين سابقين” وهو ما أعتقد أنه يُظهر تقديره الكبير لأولئك الذين كانوا يعملون تحت قيادته.
أشكره على ثقته في قدراتي ودفعي لتحقيق مستويات أعلى في عملي. ربما لهذا السبب وضع الله أناسًا مثله على الأرض، لاكتشاف وصقل المهارات والمواهب الكامنة في داخلك.
قد يقول البعض أن ما كتب هنا مبالغة. كل ما يمكنني قوله هو أن هذه ملاحظاتي عن الإنسان الذي حقق قدرًا هائلاً هي حياته ويواصل في تقديم الإنجازات. شكرًا لك سيدي على توجيهك وثقتك.